كان ميدان التحرير هو الوطن الذي تمنيناه ، وطن لا يفرق ما بين مسلم أو مسيحي أو بهائي أو ملحد ، لا يفرق ما بين رجل أو إمرأه أو شاب أو شيخ ، غني أو فقير ، كان الكل سواء يجمعهم حب الوطن ، خرجنا من الميدان يغمرنا هذا الإحساس و ودعنا العنصرية من قلوبنا و من شوارعنا بلا رجعة ، لقد أعدنا صياغة مصر من جديد ، مصر للجميع ، مصر للمصريين
و لكن سرعان ما أكتشفنا أن مشاكل عقود لا تحل في اسابيع ، سرعان ما أكتشفنا أن هناك أفكار عنصرية و طائفية بداخلنا ، تجلت في صول و قنا و المنيا ، رأيناها بعيوننا ثم أدرنا وجوهنا و قلنا لم نري شيئاً ، كيف سأحاول حل مشاكل لا أعترف بوجودها ؟! ، نعم ما حدث في صول هو الطائفية بشحمها و عظمها ، و ما يحدث الأن في قنا و المنيا كذلك أيضا ، أرجوكم لا تبرروا ، أرجوكم لا تدعوا الغباء و لا تفترضوه فينا ، تؤرقنا هذه المحنة مثلكم ، و لكن كي نجد حل يجب أن نعترف بالمشكلة
و لكي نعرف ما يحدث قنا ، فأنا أدعوكم لقراءة الأحداث كما رأها الزميل محمد الأنصاري ثم نقلها علي تويتر و من ثم علي مدونته عصير دماغي ، تحت عنوان " كنت هناك : لماذا يرفض أهل قنا المحافظ الجديد؟ "
لن أتحدث هنا عن طريقة اختيار المحافظين " اللولبية " ولا عن كوتة الاقباط " العجيبة " في قنا فهذا شأنٌ أخر ، و لكن سأتحدث عن طريقة القائمين علي الحكم في حل المشكلة ، لقد أوفدوا الشيخ حسان و الدكتور صفوت حجازي " صاحبا إنجاز صول بتصريحاتهما المستفزة جدا للأقباط في حل الأزمة " و الاستاذ مصطفي بكري " الذي يتردد اسمه بقوة كأحد أطراف الازمة ، و الله أعلم "
لا أدري كيف يكون الحل الأن ؟ فالمشكلة ازدادت سوادا و تيها :
- فلو أقيل المحافظ المسيحي و عين أخر مسلم ، سيكون ذلك رضوخا لمطالبات باطلة " كهتافات عايزينه مسلم "
- و لو ترك المحافظ المسيحي سيكون تأكيد علي أحقيتة بالمنصب و أنا لا أراه شخصيا يستحق المنصب ولا أختياره له كان قرار سليم في الاصل ، ناهيك عن عناد الصعايدة و احتمالات التصعيد التي هددوا بها
- و إن علق الامر و بقي علي ما هو عليه ، ستتضرر المحافظه ضررا بالغا يوما بعد الاخر
- و إذا فض الإعتصام بالقوة " كما حدث مرات عدة " فلا ضامن لما قد يفعله الصعايدة هناك ، فكلنا يعلم أنهم ليسوا مثل معتصمي التحرير الذين يُنتهكون كل مرة و يصمتون
- ربما كانت إقالتة و تعيين أخر مسيحي كفء لا مرجعية أمنية أو عسكريه له قد تفيد ، ثم بعد ذلك يطبق القانون بحزم علي كل المخالفين و الله أعلم!
أما ما يحدث في المنيا فملتبس حتي الأن ، و تضاربت فيه الأقوال و الشهادات ، و لكن مؤكد أنها كانت مشكلة بين طرفين احدهما مسيحي و الأخر مسلم و تحولت إلي مشهد طائفي بغيض ، كل طرف له أنصار من دينه بغض النظر عن اسباب المشكله و محاولة تهدئتها ، فإذا ضرب مسيحي مسلم يثور كل المسلمين و إذا ضرب مسلم مسيحي يثور كل المسيحين ، لماذا كل مشكلة ما بين مسلم و مسيحي - بعيدة كل البعد عن الدين - تتحول إلي مشكلة طائفية ، و لماذا لا يحاول المصريين وأد المشكلة قبل تفاقمها ؟!
حسنا دعونا من قنا و المنيا الان ، فما هما الا مشهدين من مشاهد الطائفية التي رأينا منها المئات ، منها ما ظهر في وسائل الاعلام أما الكثير فلم يظهر ، دعونا نتحدث عن قلب و عقل هذه المشاهد : الطائفــــــــية
دعونا ننبذ كل أشكال الطائفية في مصر و نمحو أسبابها و نهاجمها بأسلحة فعالة و ليس بمسكنات لا تجدي ، دعونا نتحدث بحرية مطلقة حتي نستطيع ان نجد حلولا قاطعة لهذه المشكله دعونا نتحدث حتي ننهي الطائفية و القبلية ايضا
المواطنة الغائبة :
المواطنة هي أن يكون كل أبناء الوطن الواحد متساوون في الحقوق و الواجبات دون تمييز بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو اي تمييز كان ، و هذا منصوص عليه في الدستور و لكن ....
الدستور أيضا ينص ان مبادئ الشريعة الأسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ، و هناك شبة أتفاق بين العلماء انة لا يصح أن يتولي غير المسلم أو المرأه منصب رئيس الجمهورية
القانون أيضا يفرق بين المصريين حسب ديانتهم ، مثلما كان يحدث مع البهائيين بعدم استخراج اوراق رسمية لهم لرفضهم أثبات ديانة أخري غير ديانتهم البهائيه في الاوراق و التي اخيرا حلت بوضع " شرطه " " - " في خانة الديانه و هو حكم ظالم أيضا و لكن نصف العمي أفضل من العمي كله.
كما أن حكم " الزام الكنيسة لمنح تصريح الزواج الثاني " الذي رفضه الاقباط يجبرهم علي اتباع الشريعة الاسلاميه في الاحوال الشخصية بغض النظر عن شرائعهم الخاصه ، و ان كنا نتحدث عن العدل و المساواه فأنا مع قانون واحد ينظم الاحوال الشخصيه و لكن هل يكون هذا القانون حسب الشريعه الاسلاميه ؟!!!!!!!!
حسنا نحن نعلم اذن ان اصدار قانون مدني موحد للاحوال الشخصية لن يكون ، و لن يحتكم المسلمون في احوالهم الشخصية الا للشريعة الاسلاميه ، اذن فمن العدل ان يحتكم كل دين الي ما جاء في شرائعه في الاحوال الشخصية
أما عن الوظائف العامة في الدوله فحدث ولا حرج عن الأقصاء و التهميش لغير المسلمين و النساء ، و التهميش المتعمد أيضا لابناء سيناء و النوبة ، هل هذه هي المواطنــــــــة ؟!
الأمية الفكرية :
دعونا نعترف ان الأمية لها نصيب الأسد في كل هذه المشاكل و معظم المشاكل الاخري ، فحينما يظلم عقل الانسان بالجهل يكون لقمة سائغه لمثل هذه الافكار الهادمة للتمدن و الحضاره ، و ان كنا نتحدث عن نسبة تصل الي 38 % في القراءة فلا يمكننا ان نهمل نسبة اخري تصل الي ضعف هذه النسبه تسمي بالامية الفكرية.
تجلت هذه النسبة واضحة في الاستفتاء الاخير علي التعديلات الدستورية ، ولا أنسي دكتور الجامعة المحترم الذي دعا الناس إلي التصويت بنعم حرصا علي الماده الثانية من الدستور
أما عن هذه الاميه الفكرية و من اين جاءت ؟! فأبحث عن نظام التعليم لدينا القائم علي " الصم " دون التفكير ، و التلقي دون المشاركة ، أبحث أيضا عن وسائل الأعلام المختلفة و ما تعرضة ، أبحث أيضا عن أنصاف المثقفين الذين يألههم الناس ، أبحث عن دور الدوله في القري و النجوع الذي لا يتعدي " الصفر " ، كذلك بعض مؤسسات المجتمع المدني التي لا تعرف من مصر غير القاهره و الجيزه و الاسكندريه
سيادة القانون :
حينما تحدث مثل هذه الاحداث نجد مئات من جلسات الصلح العرفية ، و مئات التبريرات الغير مقنعة اشهرها أن مرتكبها " مختل عقلي " و انها أحداث فردية و انها مؤامرات خارجية ، ناهيك عن المحاولات العنيفة للتعتيم ، و في الغالب يضيع العدل و تضيع هيبة القانون " الغير مفعل " ، ألا تعتقدون أيها السادة ان غياب القانون في مثل هذه الاحداث سيجعلها تتكرر يوميا ، و لما لا و قد مر المخطئون دون عقاب ، و كيف سيكون أحساس من وقع عليهم ظلم دون ان يُقتص من المجرم ، و كيف سيكون شعورة تجاة وطنة بعد ذلك ؟! وتجاة الاخر ؟!
الخطاب الديني :
عجيب أن نري دولة تحبس أصحاب الرأي ولا تمس من يحض الناس علي الكراهية و نبذ الأخر بإسم الدين ، أيها السادة آما آن الاوان لمثل هذه القوانين التي تجرم التحريض علي الكره و العنف ؟!
أيضا أين دور المؤسسات الدينية الرسمية كالأزهر و الكنيسة و التي لها أفكار مستنيرة وسطية في مواجهة هذة الأفكار الهادمة ، أم إنهم أيضا مخترقون بالألاف من أصحاب هذه الأفكار ؟!
لدينا مئات من الفضائيات و المواقع التي تحرض علي الطائفية من كافة الأتجاهات ، لماذا لا نواجههم بقوة القانون " دور الدولة " ، و لماذا لا نواجههم بالأفكار " دور المؤسسات الدينية " ؟!
السياسة و الدين :
يستخدم البعض الدين لتحقيق مكاسب سياسية ، دون النظر إلي مصلحة هذا الوطن الذي قد تشطرة مثل هذه الممارسات و تفتت وحدة صفة ، و بالتالي تعلو النعرات الطائفية و القبلية ، نعم سعدت كثيرا بقانون الأحزاب الجديد لانة صريح في هذه الناحية ، ولكن السؤال : من يضبط تلك الممارسات التي تحدث في الشارع و علي منابر المساجد و الكنائس ؟! و كيف يفرق البسطاء بين نقدي لرأي سياسي ، لرجل يستخدم الخطاب الديني في طرح رأية السياسي و بين نقدي للدين ؟!
المشاريع القومية :
حينما يتوحد المصريين حول هدف سامي و مشروع قومي فالنتيجة المؤكدة هي أختفاء الطائفية ، رأينا ذلك في ميدان التحرير و لمسناه ، نحتاج الان الي مشروع قومي كبير ، يكون ميدان تحرير أخر ، يتفق الكل فية علي البناء من أجل مصر ، كلنا نحبها و كلنا نتمني بنائها ، لماذا ليس لدينا مشروع قومي نحن المصريين ؟! دعونا نبدأ ، نفكر ثم نناقش ثم نتفق ثم نخطط ثم نطرح ثم نبني ، مشروع تلو الاخر ، دعونا نستغل هذا الانجراف الثوري الشعبي في البناء و في نفس الوقت ايجاد قضية قومية يلتف حولها المصريين جميعا ، قضية تجعلنا ننصهر جميعا ، احدنا في الاخر ، قضية أكبر من قضية " كاميليا شحاتة "
الإنصهار الأجتماعي :
حين يتحقق جميع ما سبق ربما نتلافي ظاهرة التقوقع الأجتماعي ، و الانغلاق الطائفي ، وهي ظاهرة موجودة بقوة و في فكر الكثيرين منا ، احيانا بشكل عفوي و احيانا عمدي ، ربما نستطيع أن نقبل أحدنا الأخر ، و نعرف انة " لا يعض " و نجد المصريين منصهرين في كل مدرسة و جامعة و شارع و حي دون تكتلات دينية أو قبلية
كلامك سليم جدااااااااااا يازعيم
ردحذفالطائفية هم نريد التخلص منه "بقى"
ردحذفكلام جميل ومنطقى جداااااااااا
ردحذفتسلم ايدك ودماغك يابورا
بإذن الله بكرة اجمل
ردحذف