الصفحات

الأربعاء، ديسمبر 28، 2011

شهادة مصطفي الغريب كما كتبها



الأحساس بالظلم !! ياله من احساس تفيض منه المشاعر المختلفة لتولد بداخلى أنسان جديد .. أنسان ثورى .. فأى ذنب !! أى جرم !!أقترفته ؟؟!! هل أصبح حب الوطن إثم ؟؟!! هل حبى لتراب هذا الوطن جرم ؟؟!! هل حبى للناس وعائلتى ذنب ؟؟!! فاذا كانت الأجابة بالنفى فلماذا كل هذا ؟؟!!

امتهان وسب وقذف واأنتهاك كرامة انسان .. لا لا !! يبدو أننى فى وطن غير الوطن .. لا !! لا يمكن ان يكون هذا وطنى !! لابد أنه حلم مفزع أو كابوس مخيف !! أسئلة كثيرة تدور بمخيلتى ولا أجد اجابه لها !! انه الجحيم !!! سوف أحكى لكم حكايتى مع العسكر لعلى أجد الأجابة عندكم !!

أولا / أعرفكم بنفسى :
مصطفى الغريب ، مواليد 1964 ، من أبناء محافظة الشرقية 
أنسان بسيط جدا لم تكن لى أى ميول سياسية أو ثورية ، أكثر طموحى أننى اجد أولادى متفوقين يتبؤون مراكز مرموقة ، كنت متهم فى القضيه 1296-2011 جنح عسكريه شرق وتهمتى حتي الان لا اعلم ما هى ؟؟ لا تسالونى عنها ولكن اسالوا اولي الامر 

حكايتى بدأت يوم 16-3-2011 عندما كنت جالسا فى محلى بكفر صقر فاذا بى أجد سيارة جيش تقف أمام المحل وينزل منها ضابط برتبة عقيد يدعى ( أحمد الحرانى وهو من تحريات شرق ) ومقدم يدعى ( سمير زين وهو ايضا تحريات شرق ) وعدد من العساكر شاهرون أسلحتهم ويحاصرون محلى ويسألنى أحدهم : " أنت ( محمد فكرى البنهاوى ) ؟ "  فأجبتهم : " لا! أنا أسمى مصطفى الغريب وأنتظر سأرسل في أحضار بطاقتى من منزلى فهو قريب منى " ولكنهم رفضوا ، وهنا بدأت المأساه !! فالجنود يعتدون على ويركلوننى بعنف وكبلونى خلفى ليلقوا بى داخل السيارة رافضين حتى أن أغلق محلي حتى عرفت بعد ذاك أنه سرق فى تلك الليلة المشئومة

قلت لهم : " ماذا فعلت حتى تعاملونى هكذا ؟ " وياليتنى ما تكلمت ، فقد ضربونى وقالوا لى : " لا تتكلم الا اذا طلب منك الكلام " ، ثم تكلم العقيد احمد الحرانى وقال لي : " يا ( محمد ) أنا مكلمك على تليفونك بقالى ساعه والمكالمه متسجله ، أنت معترف بكل حاجه وأنك بتزود مجموعه من الناس بملابس ميرى شرطه عسكريه وأنك بتلبس لبس شرطه عسكريه وبتعمل كمائن فى مناطق مختلفه وكل دا متسجل عندنا " فأجبته قائلا : " أولا / انا اسمى مصطفى الغريب ، ثانيا / اذا كان عندك تسجيل لي كما ذكرت أحب ان أسمعه " وهنا قام جنديان أشبعونى ضربا حتى وصلنا ( س 29 شرطه عسكريه بالزقازيق ) 

حين وصلت أخرجوا فرد من السجن هناك يدعى ( أحمد مجدى ) وسأله العقيد أحمد الحرانى : " هل الشخص دا أشترك معاكم فى التشكيل  " فأجاب : " لا ! وعمرى ما شفته ولا أتكلمت معه " فنظرت الي العقيد وسالته : " هل يمكننى الانصراف " فأجاب : " لا ! مش أنت اللى تقرر "

بعدها أخذونى الى مقر تحريات شرق القاهره وهناك وجدت 13 شخصا غيري وتم عرضهم عليّ جميعا لكى يتعرفوا على شكلى ، فأجابوا جمعيهم بالنفى وأنهم لا يعرفوننى وأول مره يرونى ، فيماعدا شخص واحد قال وهو يشير اليّ : " دا عم مصطفى الغريب ودا بلدياتى " وهنا فرحت وقلت للعقيد : " عرفت اننى ادعى ( مصطفى الغريب ) وليس الشخص المطلوب " وحينها بدأ الضرب والتنكيل بى وسبى بأفظع الشتائم .. بعدها طلبوا منى أسم والدتى لكى يتأكدوا من هويتى

وقضينا تلك الليله وفى الصباح الباكر استدعوني وقالوا لى : " ايوه اسمك مضبوط مصطفى الغريب " وأحضروا لى ورقة كي أوقع عليها فوجدت الورقة مكتوب فيها أنهم أستدعونى وأننى حضرت بمحض أرادتى ، فرفضت وقلت لمن معي : " محدش يمضى على اى ورق دا جواب استدعاء واحنا اتقبض علينا " وهنا قام احد الضباط بوضع المسدس على رأسى وقال لى : " امضى " ووقعت للاسف بعد فاصل من الضرب والتوبيخ ، أحساس العجز موجع فعلا ، لم اشعر بالالم لضربى واهانتى بقدر ألمى لعجزى وضعفى وقد زق بى فى تهمه لم اقترفها وتركت أولادي ولم يعرفوا عنى أى شىء ، فما هو حالهم ؟ لا اعلم !!

ذهبنا بعدها لـ ( س 28 نيابة عسكرية ) وظللت جالس من الساعه 10 صباحا متكلبش خلفى وبدون أكل أو شرب ، من وقت ان تم القاء القبض على ، ومثلت أمام النيابه الساعه 12 ظهرا وهنا طلب لي وكيل النيابة أكل وقلت له بالحرف الواحد : " هل أنا فى مصر ؟؟!! ولا فى بلد اخر !! ؟؟ هل فعلا اللي قبضوا عليا دول جنود الجيش المصرى ؟؟ " فقد أمتهنت كرامتى وسببت بأفظع الشتائم واسترسلت فى الكلام أمام وكيل النيابة حتى سالت دموعى ووقتها عاملنى بأحترام ثم بعد ذلك عرفت القرار - 15 يوم حبس على ذمة القضية ، ولكن ماهى قضيتى ؟! وما هى تهمتى ؟! وماذا عن أولادى فلن اعرف عنهم شىء ولا يعرفون عنى شىء ؟!

ذهبنا الى زنزانة فى ( س 28 ) وهناك قام الجنود بأنتزاع ملابسنا جميعا الا ما يستر عورتنا وكان هناك جندي اسمه سيد واخر اسمه محمد قاموا بضربى أنا وأخرين وبعد ذلك اخذونا للحربى وهناك استقبلونا ( بالتشريفة العسكرية ) ضرب ، سب ، تعرية لفترة تتجاوز اكثر من ساعتين ، وبعدها الى العنابر

حاولت طيلة حبسى ان ابلغ زوجتى او ابنتى بسمة بمكانى وفى الاخير عسكرى كان يرانى دائما حزين ودموعى لا تجف فجاء سالنى فقلت له : " اريد ان اطمئن اولادى وزوجتى عليّ ؛ لانهم لا يعلمون عنى شىء " وبالفعل طلب منى رقم منزلى واتصل بهم ابلغهم بمكانى ، حينها شعرت ببعض الراحة ، ذهبنا الى ( س28 ) بعد قضاء 15 يوم وايضا استمر الجندي المدعو اسمه سيد و والاخر المدعو محمد في ضربنا ، ونفس المسلسل يتكرر ، لقد اعتقدنا ان هؤلاء العساكر وظيفتهم هى الاهانه والسب والضرب

بعدها عرفت انه حكم علي بعامين سجن !! بدون اى ذنب ، فأي جرم أقترفت ؟! فهل جريتمى اننى نسيت بطاقتى الشخصية فى تلك الليلة المشئومة ؟! ام جريمتى ان ضابط التحريات لم يقم بعمله ؟! وانه كان يتوجب عليه عمل تحريات قبل ان يلقى القبض علي ؟! ام جريمتى قضاء عسكرى باطش ومتعسف ؟! ام جريمى هى نزاهة القاضي العسكري الذى لم يطلع على اوراق القضية ؟! فلو كان قرأها لكنت خرجت براءة فى وقتها ، ام جريمتى وجرائم كثيرين غيرى ذلك المثل الشهير ( أضرب المربوط يخاف السايب ) ؟! فكنا نحن كبش الفداء للبلطجية !!

رجعنا للسجن الحربى واخدنا ( التشريفة بالهناء والشفاء ) - مش بيفوتهم حاجه - وبعدها رحلّونا إلى سجن طره شديد الحراسة - وقلعونا على البلبوص ولبسونا الطرح على الروس - اول اسبوع تعبت قليلا حتي تأقلمت ، وشهاده أقولها أمام الله ! كل التقدير والاعزاز منى لادارة سجن طره شديد الحراسة ؛ فقد عاملونى باحترام واخص بالذكر ( المقدم رضا سمير رئيس المباحث ) وجميع القائمين على إدارة السجن فأكثرهم اناس محترمين ، أتمنى ان تكون هذه الادارة فى جميع سجون مصر

علمت انه لى أن اتقدم بتظلم وقد سعت ابنتى بسمه - وهى ناشطة سياسية بحركة شباب 6 ابريل - كثيرا من اجلى ، فقدمت تظلمات هنا وهناك ، ومن نيابة عسكرية لمكتب الامانه العامه للمشير ، لتنظيم وقفات امام وزارة الدفاع ، لمقابلة المشير ( الذى وعدها انه سوف يفرج عنى ولكنه قام بالتصديق على الحكم ) ، ثم الى اضراب عن الطعام لمده 15 يوم اثناء اعتصام 8 يوليو دون اهتمام من المسئولين او وسائل الاعلام او حتى حقوق الانسان ، فكادت ان تفقد حياتها لاجلى

ثم بعد ذلك علمنا انه يمكن ان نطعن على الحكم  وتقدمنا باوراق الطعن ، ومن تاجيل لتأجيل ، لوعد كاذب بالعفو فى عيد الاضحى ليدخل الامل لقلوبنا فنفرح ثم نحزن ، فأى نوع هؤلاء من البشر ؛ حتى يلعبون بمشاعر الناس دون مراعاة مشاعرهم ؟! حينها شعرت اننى لن اخرج ابدا ، وفى نفس ذلك اليوم الذى كنت انتظر فيه الخروج لأعلم اننى لن اخرج وانها كانت اكذوبة ، تترك ابنتى بسمه حينما علمت كليتها وتتجه صوب وزراه الدفاع لتقرر الاعتصام امامها ثأرا لصدمة اباها ، كنت خائفا جدا عليها ، ولكني أعلم انها اصبحت قوية بكثير لتحمل أى شىء من اجلى ، فأنا لم أعلم أنها تحبنى هكذا

هناك امام الوزارة - وزارة الدفاع - رفضوا دخولها لمقابلة اى عضو من اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة ، وقتها قررت التوجة لمبنى ادارة الشرطة العسكرية لتقرر أن تقابل اللواء حمدى بدين ، ورغم كل الصعوبات التى قابلتها حينها الا انها قابلته ، وقد ذكرت لي انه كعادة أى مسئول لا يقتنع بالواقعة قال لها : " مش كل واحده تعيط يبقى ابوها برىء ، فى تحريات وفى تحقيقات وفى قضاء حكم " ولكنها اجابت عليه : " بيننا وبينكم ورق القضية وطالبته ان يشكل لجنة تحقيق مستقلة لكى يطلع على ورق القضية واذا اتضح ان والدى مدان فزودوا عقوبته .. اننى فقط اريد العدالة !! " وبالفعل اطلعوا على اوراق القضية كاملة وعلى حد وصف بسمه ابنتى انه كان الانتصار بالنسبه لها حينما رأت علامات التعجب والدهشة وصمتهم الغريب بعد ان اطلعوا على اوراق القضية كاملة ووعدوها انهم سوف يبذلون قصارى جهدهم لرد الظلم عنى !!

بعد ذلك تم قبول اوراق الطعن نظرا لوجود ادلة براءة تستند اليها المحكمة ، وتم تحديد جلسة لاعادة محاكمتى - اينعم هما كانوا بيأجلوها كتير - ولكن فى أخر جلسة والتي كانت يوم 14-12-2011 - عمرى ما هنسى هذا اليوم وانا اجلس فى قاعه المحكمه ومنتظر سماع تاريخ الجلسه القادمه لاجد القاضى ينده على أسمى فأجيب تمام يا  فندم لاجده يقول براءءءءءءه !! براااااءه لاجد نفسى اسجد على الارض لاشكر الله وأسمع القاضى وهو بيقول فكوا الكلبشات .. يااااااااااااااااااااااااااه ! الحريه طعمها حلو اوى - اخيرا تم تبرئتى من جميع التهم ، ولكن بعد حبس عشرة أشهر ظلم ، عشر أشهر من الحزن والأسى لفراق احبتى ( زوجتى وأولادى ) كنت اتقطع شوقا اليهم  وها هنا انا معهم الا ما لا نهاية
 
ومن هنا اتوجه بالشكر الى جميع من ساعدونى فى محنتى وساعدونى على اظهار برائتى ، فشكرا أبنتى العزيزه بسمه فقد ضحيتى من اجلى بالكثير ، فمهما قلت فى حقكى لن اوفيكى قدرك ، وشكرا لحركه شباب 6 ابريل التى وقفت لاجلى كثير وفى لحظات كانت من اصعب لحظات حياتى ، وشكرا لكى أيتها المناضله منى سيف فلن انسى مواقفك معى ولا مع ابنتى

وانا اكتب شهادتى كنت اتابع برنامج اخر كلام للاستاذ يسرى فوده لارى البطل احمد حراره الذى فقد بصره وعوضها له الله بنور فى قلبه وتذكرت قول الامام الشعراوى رحمه الله ( ليس علينا أن نحاسب من ظلمنا ولكن علينا ان نحاسب من رضى بظلمه )  فنحن من الان لن نسكت على من ظلمونا ولن نرضى بظلمنا بعد اليوم ، وأختتم كلامى بقصيده كتبتها اثناء وجودى فى السجن الحربى 

أيتها النفس الشقيه ..
حكموا عليكِ بالفناء
حكموا عليكى بالشقاء
نحتسى كأس المنيه
نرتدى ثوب الشقاء
وكتبنا مع التعساء
لا لا تقولى انتهينا
فليس هذا انتهاء
لا لا تقولى ارحمونا ..
فلن يفيد الرجاء 
تقولى اسموعنا ..
فأذانهم صماء
لا تخافى اذا سجنا فى الحربى ..
قريبا من الصحراء
حيث لا يوجد هناك .. 
احباب ولا اصحاب
لا تخافى من حر الظهيره .. 
ومن برد الشتاء
فايتها النفس الشقيه 
ذوقى طعم الشقاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق