الصفحات

الاثنين، مايو 23، 2011

إنهم يصنعون ديكتاتوراً أخر



منذ أيام كنت أتحدث مع بعض الأصدقاء عن مقتل المهندس رامي فخري علي يد قوات الجيش ، و كنت منفعلاً جداً نتيجة لهذا الخبر و طالبت بمحاكمة من أخطأ ، فوجئت حينها بهجوم شديد من البعض! يتهموني بأنني أحرض ضد الجيش !!!

نعم فوجئت بهذا الإتهام و سألت : أليس من العدل أن من أخطأ يحاسب ؟! هل أفراد القوات المسلحة فوق العقاب ؟! هل المجلس العسكري خطاً أحمر لا يجب تجاوزه ؟! و تلقيت الإجابة البغيضة : نعم ! المجلس العسكري خطاً أحمر !!

الفكرة تبدو جذابة و مقنعة للبعض " فالمجلس العسكري خط أحمر لأنه أخر أعمدة هذا البيت القائم و الذي ينبغي أن يظل قائماً " هذا ما يقولونه لأنفسهم مبررين كل خطأ أياً كان ، أما المفجع في هذه السياسة هو أنهم يصنعون ديكتاتوراً أخر دون أن يدروا

المجلس العسكري هو القائم علي شئون البلاد في هذه المرحلة الحرجة و التي ستشكل مصر المستقبل و بالتالي فنحن ننشد أقرب صور الكمال لهذه المرحلة و طبيعي جداً أن نرفض و نغضب و ننتقد و نثور أيضاً من أجل أفضل النتائج

أين أخطأ المجلس العسكري ؟

الحقيقة أن الأخطاء بالجملة بعضها "يبدو" عفوي نتيجة قلة الخبرة ربما ، و بعضها جسيم جداً و يوحي بشئ من الريبة و الشك ، بعضها في إجراءات بسيطة و بعضها معقد و يوحي بتدابير مخابراتية لا تريح أحد ؛ دعونا لا نطيل و نسرد بعض هذه الأخطاء  :

  • في موقعة الجمل وهي الأحداث التي راح فيها الكثير و أصيب فيها الكثير لم يتحرك الجيش لحماية المتظاهرين وأكتفي بالمشاهدة لمدة تزيد عن ال 15 ساعة ، لم يكن ذلك بعيدا في الصحراء الغربية بل كان في ميدان التحرير المكتظ بقوات الجيش و هي أحداث أذيعت علي كل الفضائيات مباشرةً و ظلت دائرة لمدة تزيد عن 15 ساعة ، التفسير الوحيد المنطقي أن الجيش انتظر ليرى لمن ستكون الغلبة


  • اللجنة التي شكلت التعديلات الدستورية أتت برئاسة المستشار طارق البشري "مفكر" التيار الإسلامي و بعضوية المحامي صبحي صالح عضو جماعة الإخوان المسلمين و هو الأمر الغريب و المثير للشك ، لماذا مال المجلس العسكري إلي التيار الإسلامي دون باقي التيارات السياسية ؟! الأمر بسيط و رأينا الآن حالة التزاوج الغريبة مابين المجلس و بين التيار الإسلامي ، فهو تيار منظم و قوي و يبدو أن المجلس فكر أنة يجب أن يكسبه أياً كانت النتائج ، و للتيار الإسلامي أقول : لا تكرروا أخطاء الماضي و تذكروا ما حدث بعد يوليو 52


  • سريعا ما خرجت نتيجة الاستفتاء المخيب للآمال بنعم و هو الاستفتاء الذي تم إقحام الدين فيه بلا أي داعي و بلا أي اعتراض من قبل المجلس العسكري علي هذه الممارسات العجيبة و لمَ الاعتراض و النتيجة جاءت نعم للمجلس العسكري - علي حد قولهم  - و سرعان ما حاول المجلس العسكري إسكات القلة المصوتة بلا التي فسرت التعديلات بإعادة دستور مبارك وحفظاً لماء الوجه خرج بالإعلان الدستوري المكون من 63 مادة ضارباً بنتيجة الاستفتاء - و التي كانت علي 9 مواد فقط - عرض الحائط و هنا أخطاء بالجملة و إهدار للمال العام ، ثم جاء الحوار الوطني بعد خراب مالطة : فيما سنتحاور إذن ؟!


  • انتهاكات لحقوق المصريين بالجملة ( فض اعتصام التحرير 3 مرات بالقوة ، قتل متظاهر في إحداها - فض اعتصام الأقباط بالقوة أمام ماسبيرو - فض اعتصام طلبة كلية الإعلام بالقوة - اعتقال ألاف الثوار و محاكمتهم عسكرياً - اعتقال بعض أصحاب الرأي ومحاكمتهم عسكرياً - كشف العذرية علي الفتيات و انتهاكات الشرطة العسكرية داخل المتحف المصري - الاعتداء علي المتظاهرين أمام السفارة الإسرائيلية واعتقال المئات - قتل المهندس المصري رامي فخري ) هذا مجرد سرد سريع لبعض ما حدث


  • التباطؤ الغريب في إجراءات المحاكمات لقتلة المتظاهرين و الفاسدين في النظام السابق ، سأجد من يقول لي أن هذا الأمر في يد القضاء ، هكذا أتمني و لكني لا أعتفد ذلك ، أشعر أن القضاء مازال مرتبط بالقرار السياسي الذي هو في يد المجلس العسكري و إلا فبما تفسر : أن كل إجراءات المحاكمات أتت بعد ضغط شعبي ؟! ألا يشعرك ذلك أنت الأخر أن القضاء مازال مرتبط بالقرار السياسي ؟! و إن كان كذلك فلمصحة من كان القرار السياسي علي هذا النحو المتراخي ؟! هذا مجرد استفهام تعجبي لا أؤيد به التدخل في القضاء الذي أتمني أن يكون مستقلاً تماماً بعد تقويمه وتقويم المنظومة كاملة وعلى رأسها القوانين


  • قانون تجريم التظاهر و التجمهر ، وهو القانون الذي مرر في الخفاء ، نعم في الخفاء و فوجئنا به منشور في الجريدة الرسمية بعد ما يقرب من 10 أيام علي نشره ، و إلي ماذا يهدف هذا القانون إلا أن يكمم أفواه الثوار و الرافضين لبعض السياسات ، أوليس التظاهر حق مشروع ؟!


  • التراخي في مواجهة الطائفية التي تكاد تأكل البلد هذه الأيام ، ألا يرى المجلس العسكري ما يستطيع أن يراه العميان من كمية التحريض علي الكره و العنف ، لماذا دائما يتحرك متأخراً بعد أن يكون حدث ما حدث و أمام أعينهم حدث ذلك في أطفيح أمام أعينهم و حدث في إمبابة أمام أعينهم ، هل يريد المجلس العسكري أن يمرر رسالة ما إلينا ؟! و هل يكون الحل بجلسات الصلح العرفي بعيداً عن القانون كما كان يحدث في العهد البائد ؟! هل أصبح الشيخ حسان هو المنقذ في مثل هذه الظروف ؟!


هذه كانت عينة من أخطاء المجلس العسكري و ليست كل الأخطاء ، هذا ما هو مؤكد منها و بالتالي نستطيع عرضه و هناك مالا نستطيع عرضه لأنه مجرد تحليلات لأحداث حدثت و تحدث لا نملك عليها دلائل غير التحليل المنطقي وهي دلائل غير كافية للأسف للإدانة وإن كانت تبدو منطقية تماما

إذن فليسوا آلهة! هم بشر خطاؤون و ليسوا خطاً أحمر كما يحاول البعض أن يمرر لنا عبر صفحات الجرائد و شاشات التليفزيون و يتخذون مبررات هزيلة و ينفخون فيها حتى كاد الجميع أن يصدقها ، رجاءاً أيها السادة لا تصنعوا ديكتاتورا أخر يكفي ما فاتنا في الـ 60 عام الماضية من ذل و مهانة و تخلف ، نريد مجتمع عادل حر متقدم قوامه أناس أحرار يسود الحب والتفاهم والتعاون والمساواة بين أفراده وهو ما سوف لن يتحقق بمثل هذه السياسات و الثقافات الغابرة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق